مع زيادة معرفة الأفراد وإيمانهم بالآثار الصحية السامّة لاستخدام التبغ، تقل احتمالات استخدامهم للتبغ ويزداد دعمهم للسياسات الهادفة للحماية من هذه الآثار. وتتيح لنا وسائل الإعلام العامّة فرصة إقناع أعداد كبيرة من السكان بالحاجة الملحّة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات. ومن المكونات الجوهرية لأدوات مكافحة التبغ أن تُستخدَم وسائل الإعلام لحث الأفراد على الإقلاع عن التبغ أو لإقناعهم بعدم البدء في استخدامه، وكذا أن تتبني المجتمعات السياسات التي تهدف إلى مستقبل خالٍ من التبغ.
وحملات الإعلام متضمَّنة في كلٍ من المادة 12 من اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ WHO FCTC وحزمة منظمة الصحة العالمية لتدابير مكافحة التبغ MPOWER – حيث يرمز الحرف “W” إلى كلمة “تحذير” (warning). وتعمل الحملات الناجحة على تغيير سلوك الفرد، وتغيير قطاع أكبر من الأعراف الاجتماعية، والتهيئة الشعبية لدعم سياسات مكافحة التبغ. إضافةً إلى ذلك، فإن الأبحاث التي جرت في الدول بمختلف ترتيبها على مؤشر التنمية البشرية تؤكد على أن الحملات قد تكون فعالة من حيث التكلفة – على سبيل المثال، في بعض البلدان تكلف كل محاولة للإقلاع عن التبغ بضعة سنتات فقط.
والمكونان الأساسيان للحملات الناجحة هما الرسائل الفعّالة وطريقة إيصالها. إذ تؤكد الأبحاث على فعالية الحملات التي تحث الفئات المستهدفة على التعامل مع الآثار السلبية المحددة للتدخين – على سبيل المثال، مرض السرطان، والعمى، وأمراض الرئة. وفي بعض الأمثلة شهادات الضحايا من واقع تجربتهم، أو الرسوم البيانية للأضرار.
تستخدم الحملات المعنية بأفضل الممارسات أبحاثًا سلوكية لاختبار الرسائل التي تستهدف فئات معينة من الأشخاص – على سبيل المثال، المدخنون الذكور- وذلك لضمان فعاليتها وملاءمتها لثقافة هذه الفئات المعنية. وفي البلدان الذي يأتي ترتيبها منخفضًا على مؤشر التنمية البشرية، يمكن تجنب الأبحاث المكلفة بتكييف الحملات التي تستهدف فئات مماثلة للسكان والتي أُطلقت في مناطق أخرى وأثبتت نجاحًا قويًا– على سبيل المثال، تَبَيَّن أن الصور البيانية المقنعة مستخدمة على نطاق واسع عبر العديد من الثقافات. كما أن الرسائل الداعمة للحملات، مثل تلك التي تركز على قصص المدخنين السعداء الذين أقلعوا عن التدخين، قد تعزز كذلك إيمان المدخنين بأنهم يستطيعون الإقلاع عن التدخين بنجاح. في حين أن الحملات التي تحمل رسائل ضعيفة قد يكون أثرها ضعيفًا أو قد يكون لا أثر لها على الإطلاق. وأخيرًا، ثمة ضرورة ماسة لتقييم أثر الحملة تقييمًا دقيقًا.
ومن أوجه القصور المتكررة في برامج مكافحة التبغ تدني مستوى الاستثمار في التخطيط للإعلام وطريقة إيصال الرسائل. فالاستخدام الناجح لوسائل الإعلام يتطلب حملات مستديمة تصل إلى قطاع كبير من السكان. وهذا يتضمن استمرار إذاعة الحملات “على الأثير” معظم شهور السنة. وتستخدم الحملات الأكثر نجاحًا مزيجًا من قنوات الإعلام – عادة التلفاز والإذاعة، لما لهما من قدرة على الوصول إلى عدد كبير من الأشخاص ومن أثر ثبتت فعاليته – ومن وسائل الإعلام الاجتماعية والرقمية التي تُعتبر من الأدوات المستجدة في العديد من القطاعات الرئيسية للسكان. وقد تكون وسائل الإعلام المستديمة التي تصل إلى قطاع كبير من السكان مكلفة، مثل حملات التلفاز الوطنية الممتدة. لذا نفذت بلدان عديدة سياسات مبتكرة لضمان العرض المتكرر للحملات الإعلامية التي تقدمها بهدف مكافحة التبغ. وتتنوع هذه السياسات ما بين مؤسسات الترويج الصحي التي تستخدم الضرائب المفروضة على التبغ لتمويل الحملات، وبين وضع التشريعات التي تُلزم محطات التلفاز والإذاعة بتخصيص جزء من وقت بث البرامج التي تتمتع بنسبة مشاهدة عالية لعرض رسائل الصحة العامة. .